الناصر محمد بن قلاوون (فترة حكم تانيه)

من ويكيبيديا، الموسوعه الحره
الناصر محمد بن قلاوون (فترة حكم تانيه) هوه حاكم مصر رقم الناصر محمد بن قلاوون (فترة حكم تانيه)

السلطان الملك ناصر الدنيا والدين ابو المعالى الناصر بدر الدين محمد بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى العلائى الصالحى او الناصر محمد كاختصار او ابن قلاوون.[1] (اتولد فى القاهرة سنة 1285 - اتوفى فى القاهرة سنة 1341). تاسع سلاطين الدولة المصرية المملوكية البحرية.[2] و تالت ملوك بنى قلاوون. اتلقب بـأبو المعالي[3] و أبو الفتح.[4] عاش فى عهد الخلفاء العباسيين الحاكم بأمر الله الاولانى والخليفة سليمان المستكفى بالله والخليفة إبراهيم الواثق بالله، وحكم فى عرش السلطنة المصرية المملوكية تلاتة مرات فى الفترات من 1293 ل1294، ومن 1299 ل1309م، ومن 1309 م وحتى وفاته فى سنة 1341. من أبرز سلاطين العيله القلاوونية والدولة المصرية المملوكية. خاض حروب ضد الصليبيين و المغول و قضى على عنف العربان و قطعهم للطريق جوه مصر، وحروب إصلاحية فى الداخل ضد الفساد. شافت مصر فى فترة حكمه التالتة نهضة حضارية وعمرانية مشفتهاش فى عهد أى سلطانى تانى من سلاطين الدولة المصرية المملوكية ومشفتهاش من أيام الفراعنة. حول مصر لدوله غنيه متقدمه و متطوره ليها مكانه دوليه كبيره بيخطب ودها كل ملوك الأرض أياميها.


الناصر محمد بن قلاوون (فترة حكم تانيه)
السلطان الأعظم الملك
خادم الحرمين الشريفين
سلطان الإسلام والمسلمين
ناصر الدين أبو الفتح
الناصر للدنيا و الدين
تصوير محتمل للناصر محمد

السلطان الأعظم الملك
خادم الحرمين الشريفين
سلطان الإسلام والمسلمين
ناصر الدين أبو الفتح
الناصر للدنيا و الدين
معلومات شخصيه
الاسم الكامل الناصر ناصر الدين محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون الألفى العلائى الصالحي
الميلاد 16 محرم 684 هـ | 24 مارس 1285


القاهره، السلطنة المصرية المملوكية

الوفاة 21 ذو الحجة 741 هـ | 7 يونيه 1341 (56 سنة)


القاهره، السلطنة المصرية المملوكية

مواطنه السلطنة المصرية المملوكية
العرق تركى قبجاقى ويمكن قبطى
الديانه اسلام سنى
الزوجة
  • خوند أردوتكين بنت نوغية السلاحدار
  • طولون باي
  • خوند طغاى أم أنوك
  • قوت الملك
  • خوند زادو
  • نرجس
  • أردو
  • بياض
  • كودا
الاب المنصور سيف الدين قلاوون
الام أشلون بنت الأمير نكاي
قرايب الاشرف خليل (اخوه)
عيله المماليك البحريه
معلومات تانيه
المهنه سلطان ومحارب وسياسي
الخدمة العسكرية
الفرع الجيش المصرى
المعارك والحروب معركة وادى الخزندار، معركة مرج الصفر

قال عنه المؤرخ ابن اياس : "لم يل من ولاد الملوك قاطبة مُلك مصر أعظم من الملك الناصر محمد".[5]

قعد على عرش مصر تلت مرات، من 1293 لحد 1294، و من 1299 لحد 1309، و من 1309 لغاية وفاته سنة 1341. من أعظم و أبرز اللى حكموا مصر.

السلطنة المصرية فى اكبر توسع ليها ومناطق نفوذها فى عهد سلطنة الناصر محمد بن قلاوون التالتة

رجوع الملك الناصر مصر و سلطنته التانيه

حكم العادل كتبغا مصر حوالى سنتين و بعدين اضطر انه يهرب و يستخبى فى قلعة دمشق سنة 696 هـ / 1296م، والتنحى بعد ماحاول الأمرا، وعلى راسهم نايب السلطنه حسام الدين لاجين المنصورى، قتله فى دهليزه و هو راجع مصر من الشام. واتنصب لاجين سلطان و أبعد الناصر محمد على الكرك بعد ماقاله "لو كنت عارف انهم حايخلوك سلطان والله كنت سبت لك الملك، لكن هما مش حايسيبهولك. أنا مملوكك و مملوك والدك، أحفظ لك الملك، و انت دلوقتى تروح على الكرك لغاية ما تكبر و تترجل و تتخرج و تجرب الأمور فترجع لملكك"، و اشترط عليه انه لما يرجع لملكه تانى يبقى يعينه نايب على دمشق و ما يقتلهوش. فاتعاهدوا على كده و راح الملك الناصر على الكرك.[6][7] لكن فى سنة 1299 اتقتل لاجين هو و نايب سلطنته منكوتمر بعد ما حكم حوالى سنتين و شهرين.

بعد ما اتقتل لاجين اجتمع الأمرا و معاهم الأمير بيبرس الجاشنكير و اتفقوا على ترجيع الناصر محمد من الكرك و تنصيبه من جديد و ان نايبه يبقى الأمير طغجى. لكن الأمير كرجى (قاتل لاجين) رجع بعد يوم واعترض على ترجيع الناصر محمد و قال للأمرا: "يا أمرا أنا اللى قتلت السلطان لاجين و أخدت بتار أستاذى (يعنى الأشرف خليل)، والملك الناصر صغير ما ينفعش ، و ماحدش ينفع يبقى سلطان غير ده - و شاور على طغجى - و أنا أبقى نايبه". فأيدوه المماليك و الأمرا الأشرفيه (البرجية)، لكن الأمرا اللى بيأيدوا ترجيع الناصر محمد فضلوا انهم يستنوا رجوع الأمير بدر الدين بكتاش الفخرى أمير سلاح لمصر.[8]

فى الغضون دى وصل الكرك اميرين و بلغوا الملك الناصر محمد و أمه بأنه اتقرر فى القاهره ترجيع الناصر لمنصب السلطنه، وبعدين وصل جواب من مصر بيستحث الملك الناصر على الرجوع بسرعه على مصر ففرح الناصر و امه وقرروا انهم يرجعوا مصر.

فى 4 جمادى الأولى (698 هـ) دخل الناصر محمد القاهره، و كان وقتها عنده أربعتاشر سنه، و احتشد المصريين فى الشوارع لاستقباله فى فرحه كبيره. و فى القلعه اتجددت بيعة الأمرا للناصر و بكده بقى سلطان مصر للمره التانيه و بقى الأمير سيف الدين سلار نايب ليه و اتعين بيبرس الجاشنكير أستادر.

اللى حصل للناصر فى سلطنته الأولى اتكرر فى سلطنته التانيه، فبقى لعبه فى ايدين سلار و بيبرس الجاشنكير اللى بقوا الحكام الفعليين. بيبرس الجاشنكير اللى كان أصله شركسى اتزعم المماليك البرجية، و سلار اللى كان أويراتى من المغول الوافديه اتزعم المماليك الصالحية والمماليك المنصورية. المماليك الأشرفيه اتزعمهم الأمير برلغى. بيبرس الجاشنكير بمماليكه البرجية كان أقواهم، و سلار و برلغى دخلوا مع بعض فى منافسه على المفاسد و جمع الأموال عن طريق فرض مكوس كانت بتتسمى "الحمايات "، ودى كانت عباره عن اتاوه أو رشوة بيفرضها الأمرا على الأفراد و التجار فى مقابل حمايتهم و مساعدتهم فى منازعاتهم.[9]

قلعة الكرك – جنوب الأردن حاليا – المكان اللى لاجين ابعد الناصر محمد فيه

معركة وادى الخزندار

معركة وادى الخزندار 1299

فى سنة 699هـ/ 1299م وردت القاهره أنباء عن زحف مغولى على الشام بيقوده محمود غازان الخان مغول فارس، فراح الملك الناصر على الشام و اصطدم جيشه بجيش غازان المتحالف مع مملكة ارمينيا الصغرى جنب حمص فى معركه اتعرفت باسم معركة وادى الخزندار أو معركة حمص التالتة.[10][11] انهزم فيها عسكر الناصر و هربوا فحزن و عيط وحس بالخذى و العار – اللى كان قائد الجيش في المعركة وعمره 15 سنة – ودخل فى حالة اكتئاب شديدة وقال جملته الشهيرة "يا رب لا تجعلني عبدًا نحسًا"، لأنها كانت أول معركة يقودها في فترة حكمه، واللى كان في الوقت دا بيسطر عليه و على الحكم فعليًا الأمراء بيبرس الجاشكنير و سلار. و دخل المغول دمشق و سيطرو على الشام، و اتخطب لغازان على منبر دمشق، و بعدين ساب غازان دمشق بعد ماعين الأمير قبجق[12] نايب ليه عليها تحت حماية نايبه و قومندانه قطلو شاه.[13][14] الهزيمه كانت مؤلمه و رجع العسكر مصر فى حاله وحشه و معاهم اعداد كبيره من الشوام الهربانين.[15] و كان من ضمن الهربانين على مصر السلطان المخلوع العادل كتبغا اللى كان عينه السلطان لاجين نايب على قلعة صرخد. دخل السلطان الناصر قلعة الجبل و هو فى غاية الحزن و الاسى بسبب الهزيمة الشنيعه، لكن طوالى ابتدى ينظم الجيش ويجهز لأخذ تار مصر من المغول.[16] و خرج قبجق من دمشق و راح على مصر، فاستولى الأمير أرجواش على دمشق و رجع الخطبة باسم الملك الناصر بعد ما اتقطعت حوالى تلت تشهر.[17] و فى وقت تحضير جيش مصر وصل القاهرة وفد من غازان بطلب الصلح فوافق الناصر. لكن طلب غازان للصلح فى الواقع كان مجرد مناوره منه عشان يكسب وقت و عشان يعرف توجهات الناصر و تحركاته.[16]

تحرير جزيرة أرواد و غزو مملكة كيليكيا

أرواد آخر جيوب الصليبيين فى الشام

بعد الأشرف خليل أخو الناصر محمد ما طرد الصليبيين من ساحل الشام سنة 1291 هربت اعداد من فرسان المعبد (الداويه) و غيرهم على جزيرة قريبه من طرسوس اسمها أرواد، و حولوها لقاعده عسكريه لشن هجمات على السفن و جيب متربص بطرسوس و ساحل الشام. فى أواخر سنة 1300 طلب غازان الخان المغولى من أرمن كيليكيا و من صليبيين قبرص التحالف لعمل عمليه عسكريه مشتركه، فشحن صليبيين قبرص مقاتلين من فرسان المعبد و الاسبتاريه مع قوات بيقودها امالريك دو لوزيان (Amalric of Lusigan) ابن ملك قبرص هيو التالت (Hugh III) على جزيرة أرواد.[18] لما وصل الخبر القاهره قرر الملك الناصر بنا شوانى[19] لغزو الجزيره فخرجت الشوانى المصريه فى سبتمبر 1302 بقيادة الأمير كهرداش و راحت على الشام و حاصرت جزيرة أرواد و نزل عسكر مصر و فتكوا بالحاميه الصليبيه و أسروا اعداد من فرسان المعبد و هرب غيرهم على قبرص. استسلمت ارواد فى 26 سبتمبر 1302 و بكده ضاعت من الصليبيين أخر جيوبهم فى الشام و دقت بشاير النصر فى قلعة القاهره. و فى نفس اليوم و مصر بتحتفل بالنصر رجع عسكر مصر منتصرين من غزوه شنوها على مملكة كيليكيا الأرمنليه فى الأناضول بقيادة الامير بكتاش. عسكر مصر كان خرج تحت قيادة الأمير بكتاش و راحوا على اسيا الصغرى لمهاجمة أرمن كيليكيا بسبب تحالفهم مع المغول. دخل العسكر أراضى مملكة كيليكيا و انتشروا فى نواحيها و حرقوا المحاصيل و أسروا أعداد من الأرمن و حاصروا عاصمتهم سيس.[20]

كيليكيا

طرد الصليبيين من أرواد و توجيه ضربه لارمينيا الصغرى كانو انتصارين مهمين قضوا على فكرة التحالف بين المغول و الصليبيين و الأرمن اللى كان بيمثل خطر كبير على مصر اللى كانو عايزين يحتلوها زى ما ظهر فى جواب من هيتوم الأرمنلى[21] (Het'um the Armenian) لبابا الكاتوليك قاله فيه ان الوقت ده المناسب لاحتلال مصر من غير مصاعب أو مخاطر بالتعاون مع المغول: "هذا هو الوقت المناسب لاستعادة الأرض المقدسة بمساعدة المغول ومن الممكن احتلال مصر بدون مصاعب أو مخاطر".[22] وبيشرح في فقرة تانية: "يجب طلب أمرين من ملك المغول: أولاً ألا يسمح بمرور أي شيء عبر مناطقه إلى أراضي الأعداء، و (ثانياً) أن يرسل رجاله ورسله لإشعال حرب في أراضي ملاطية ويدمر ويخرب منطقة حلب. وعندها نقوم نحن الحجاج وقوات قبرص وأرمينيا بغزو أراضي الأعداء بحراً وبراً. وعلى قواتنا المسيحية أن تحصن جزيرة أرواد إذ إنها تحتل موقعاً رائعاً لضرب سفن الأعداء وإحداث أضرارٍ جسيمةٍ بهم".[23]

قلاقل و اضطرابات داخلية

البلاد شافت فى فترة حكم الناصر محمد التانية اضطرابات و قلاقل كان من أخطرها "وقعة أهل الذمة"، و مشاغبات شوية عربان في البحيرة و صعيد مصر بحيث حصلت موجة من الاضطهاد ضد المسيحيين، و اتهدم و اتقفل كتير من الكنائس فى القاهرة، و أتجبر مسيحيى مصر على مسح عمامتهم باللون الأزرق عشان يتم تمييزهم عن باقى السكان.[24]

بدأت "وقعة أهل الذمة" فى رجب 700هـ/1301م لما وقف وزير ملك المغرب فى القاهرة و هو في طريقه لمكة للحج. هال الوزير المغربي رؤية أهل الذمة من المسيحيين و اليهود بيعيشوا في ترفٍ و بيزينوا خيولهم بالحلى الفاخرة فى القاهرة، فاشتكى للأميرين سلار و بيبرس الجاشنكير و روى ليهم اللى بيعانيه المسلمين على ايد المسيحيين فى الأندلس من اضطهادٍ و تعصبٍ فضلاً عما تناله على أيديهم ممالك شمال إفريقيا من ضغطٍ، و نجح أنه يأثر على نفوس الأمراء بشدة كلامه. اجتمع القضاة ببطرك المسيحيين و أكابر القساوسة و رؤساء اليهود، و اتتقرر ألا ميتمش استخدام حد منهم فى ديوان السلطان و لا فى دواوين الأمراء، و المسيحيون و اليهود و السامريين ميركبوش الخيول و البغال، و يلتزموا بعدم لبس العمم البيض فى مصر و الشام. و اتطور الموضوع لما امتدت أيادى العامة لكنائس المصريين، و اتقفلت الكنائس حوالى سنة فى مصر لحد ما اتوسط ملك نيقيا البيزنطى[25] و شوية ملوك فاتفتحت الكنائس.[26] الحروب الصليبية لعبت فى المشرق والأندلس -بحيث كانت لسا مستمرة- دور اساسى في إشعال نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين المحليين فى مصر والشام[27] جهلاً من المماليك والعوام لأن المسيحيين المحليين أصابهم العسف على ايد الصليبيين زى ما أصاب المسلمين.

في ذات الوقت حصل فى البحيرة صدام دموى بين طائفتين عربيتين هما طائفتا "جابر" و "برديس"، فخرج ليهم الأمير بيبرس الدوادار[28] مع عشرين أمير و طاردهم و استدعى شيوخهم و وفق بينهم. أما فى الصعيد، فانتهز شوية عربان فرصة انشغال الدولة فى حربها مع غازان فأمتنعوا عن دفع الخراج فسير ليهم الوزير سنقر الأعسر اللى قتل عدد من المتمردين و أخد الإبل و الأسلحة و كل خيول الصعيد، إلا ان دا مأداش لاستقرار الصعيد بحيث استخف العربان بالولاة، و امتنعوا مرة تانية عن دفع الخراج، و قاموا بفرض إتاوات على التجار فى أسيوط و منفلوط، و اتسموا بأسامى الأمراء و اقاموا عليهم كبيرين واحد منهم سموه بيبرس و التانى سلار، و أطلقوا سراح المساجين. فاستفتى الأمراء الفقهاء و الشيوخ فى جواز قتالهم، فأفتوهم بجواز دا. فقام الامراء بمنع السفر للصعيد، و اشاعوا أنهم مسافرون للشام بعدين حاصروا الصعيد من كذا جهة و انقضوا على المتمردين و قضوا عليهم.[29]

معركة شقحب (معركة مرج الصفر)

فى رجب عام 702 هـ / 1303 م جيه البريد للقاهرة من حلب بأن غازان على وشك التحرك للشام، فخرج لدمشق الأمير بيبرس الجاشنكير على رأس 3 آلاف من الأجناد.[30] بعت غازان قائده و نائبه قطلوشاه للشام بجيش قوامه 80 ألف مقاتل. و لما عرف قطلوشاه أن الناصر مخرجش من مصر لسا، و أن مفيش فى الشام غير العسكر الشامى، اتوجه من شوية لحماة.[31]

فى يوم السبت الموافق 2 رمضان 702 هـ/ 20 أبريل 1303 م، وصل الناصر محمد لعقبة شجورا و بينما الأمراء بيستقبلوه و بيسلموا عليه وصل خبر بأن جيش قطلوشاه قد أقدم. فلبس الجنود السلاح، و اتفق الأمراء على محاربته فى شقحب تحت جبل غباغب.[32] كان جيش الناصر بيضم حوالى 200 ألف مقاتل.[33] اصطدم الجيشين و افتكر البعض أن جيش المصريين اتهزم بعد ما تجاوز بعض المغول خط ميمنة المصريين، فانسحب قطلوشاه لجبل قريب و طلع عليه و فى ظنه أنه قد انتصر و ان قواته بتطارد المصريين، و لكنه شاف ميسرة السلطان الناصر فاتحير، فلما سأل أحد الأسرى المصريين وكان قائد مملوكى كبير اسمه الأمير عز الدين أيدمر فسأله: "من أين أنت ومن هذه العساكر الضخمة القادمة؟" فجاوب عليه: "أنا أمير مصرى والعساكر التى تراها هناك هى عساكر مصر" فأدرك أنه من أمراء مصر، و ادرك أن السلطان الناصر موجود بجيش مصر فى ساحة القتال.[34] فى اليوم التانى نزل قطلوشاه بمقاتليه فاتصدت ليه المماليك السلطانية و اجبرته على التراجع للجبل. و عرف المصريين أن قوات قطلوشاه بتعانى من العطش، فلما نزل المغول فى فجر اليوم التالت و ساروا ناحية النهر متعرضش ليهم المصريين، بعديز حصدوهم لما وصلوا النهر و قاموا بمطاردة الفارين منهم. معبرش الفرات مع قطلوشاه من جنوده غير عدد قليل. أتبعتت بشائر النصر لمصر ففرح الناس.[35][36]

فى 23 شوال رجع الناصر للقاهرة عاصمة ملكه اللى اتزينت له من باب النصر و معاه الأسرى و رءوس المغول، بعدين زار قبر أبوه الملك المنصور، و طلع لقلعة الجبل على الشقق الحرير، و انعم على الأمراء، و أمر بإحضار سائر مغانى العرب من كل أنحاء المملكة، و اتقامت احتفالات كبرى فى البلاد.[37][38]

وَ نظم النَّاس فِى الْوَاقِعَة دى وَ من اللى اتقال فِى كدا قَول شمس الدّين الطَّيِّبِى وَ هى بتقَارب الْمِائَة بَيت،[39] وجُزءٌ منها:

"فشاهدوا علم الْإِسْلَام مرتفعاً.. بِالْعَدْلِ فاستيقنوا ان لَيْسَ ينْصَرف.. لاقاهم الفيلق الجرار فانكسروا.. خوف العوامل بالتأنيث فانصرفوا.. يَا مرج صفر بيضت الْوُجُوه كَمَا.. فعلت من قبل الْإِسْلَام يؤتنف.. أَزْهَر روضك أزهى عِنْد نفحته.. أم يانعات رؤسٍ فِيك تقتطف.. غُدْرَان أَرْضك قد أضحت لواردها.. ممزوجةً بدماء الْمغل تغترف.. زلت على كتف الْمصْرِيّ أَرجُلهم.. فَلَيْسَ يَدْرُونَ أَنى تُؤْكَل الْكَتف.. آووا إِلَى جبل لَو كَانَ يعصهم.. من موج فرج المنايا حِين يختطف.. دارت عَلَيْهِم من الشجعان دائرةٌ.. فَمَا نجا سالمٌ مِنْهُم وَقد زحفوا.. ونكسوا مِنْهُم الْأَعْلَام فَانْهَزَمُوا.. ونكصوهم على الأعقاب فانقصفوا.. فَفِي جماجمهم بيض الظبى ذبرٌ.. وَفِي كلاكلهم سمر القنا قصف.. فروا من السَّيْف ملعونين حَيْثُ سروا.. وَقتلُوا فِي البراري حَيْثُمَا ثقفوا".

انجازات الناصر محمد و مرواحه على الكرك

فى سنة 703 هـ / 1304 م الناصر بعت جنوده من القاهرة لكيليكيا الأرمنية تحت قيادة الأمير بدر الدين بكتاش و انضمت ليهم قوات فى الشام، فهاجموا الأرمن و حرقوا مزارعهم و أسروا منهم أعداد، بعدين حاصروا قلعة تل حمدون اللى اتحصن فيها الأرمن و سلمت ليهم بالأمان.[40] فى نفس السنة نقل السلطان الناصر أمه من التربة المجاورة للمشهد النفيسى للتربة الناصرية فى مدرسته اللى كمل بنائها و ضاف مئذنتها فى سنة 1303. و مراته أردكين الأشرفية خلفت ولد سماه علي، و لقبه بالملك المنصور.[41] و وفد للقاهرة حوالى 200 فارس مغولى بنسائهم و ولادهم، وكان من ضمنهم عدة من قرايب غازان و أم الأمير سلار. فكرمهم الناصر و أنعم عليهم ببيوت للإقامة و إقطاعات. بعدين جيه رسل المغول بكتاب و هدية من محمد خدابنده (أولجايتو) اللى قعد على عرش المغول بعد وفاة أخوه محمود غازان. وخاطب الناصر بالأخوة وطلب الصلح وإخماد الفتن وقال فى آخر كلامه: ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚوَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾. فوافق الناصر و كرم رسله و بعت ليه هدية.[42]

فى سنة 708 هـ / 1309 م حس الناصر أنه غير قادر على مواجهة سيطرة سلار و بيبرس الجاشنكير عليه و على أمور الدولة، فقال لهم أنه رايح مكة عشان يحج. بس بدلاً من المرواح لمكة راح على الكرك و فضل هناك.[43][44] الناصر مقصدش بمرواحه الكرك التنازل عن العرش، هو كان مدرك انه مش هيقدر يحكم زى ما هو عايز مادام بيبرس و سلار بيسيطروا على حياته و على شئون الدولة. كمان كان مدرك أنهم آجلاً أو عاجلاً هيسعوا للتخلص منه إما بالخلع أو بالقتل. فكانت خطته أنه يبعد عن مصر و عن عيونهم لبعض الوقت فيقدر بكدا الاتصال، بحرية و بدون مراقبة، بأمراء الشام و مؤيديه من أمراء مصر عشان يقدر بمساعدتهم من التخلص منهم و فرض سيطرته على نفسه و على مملكته.[45] كانت حسبة الناصر صحيحة و عرف ينفذ خطته بنجاح بعدين.

لما رفض الناصر محمد الرجوع لمصر قال أن الكرك: "من بعض قلاعي وملكي، وقد عولت على الإقامة بها"، الأمراء عرضوا السلطنة على الأمير سلار فقال ليهم: «والله يا أمراء أنا ما أصلح للملك، ولا يصلح له الا أخى هذا»، و أشار لبيبرس الجاشنكير فهتف البرجية: "صدق الأمير". فوافق الأمراء و اتنصب بيبرس سلطان على البلاد بلقب الملك المظفر و معاه الأمير سلار نائب للسلطنة[46][47] و بيبرس الجاشنكير حط الناصر محمد على نيابة الكرك وكتب ليه بيقول: "أنى أجبت سؤالك فيما اخترته، وقد حكم الأمراء علي فلم تمكن مخالفتهم، وأنا نائبك".[48]

كانت مدة الملك الناصر فى السلطنة التانية، عشر سنين و أيام.[49]

شوف: الناصر محمد بن قلاوون (فترة حكم تالته)

شوف كمان
مسك قبله
المماليك
مسك بعده
حسام الدين لاجين مدة الحكم: 10 سنين بيبرس الجاشنكير

فهرست وملحوظات

  1. المقريزى، السلوك 2/442
  2. فيه مؤرخين بيعتبروا شجر الدر أول سلاطين الدوله المملوكيه. فى الحاله دى يبقى الناصر محمد السلطان المملوكى العاشر مش التاسع (قاسم, 22 ).
  3. المقريزى، السلوك، 2/442
  4. ابن بطوطة، 55
  5. ابن اياس، 1/486
  6. المقريزي، السلوك، 2/282
  7. الشيال، 2/179
  8. كان الأمير بكتاش في تجريدة عسكرية ضد مملكة كيليكيا -(المقريزي، 2/308).
  9. المقريزي، السلوك، 2/313
  10. Kurkjian, p 253
  11. على الرغم من أن غازان اعتنق الإسلام، فدا ممنعوش من التحالف مع الصليبيين ضد المسلمين. أشرفت على تربية غازان "ديسبينا خاتون"، مرات الإلخان "أباقا"، صديقة الصليبيين اللى عملت دايماً على إثارة الحقد ضد المسلمين. وكان بيحقد على المماليك. (العسلي)
  12. الأمير قبجق، كان من مماليك المنصور قلاوون. بعد وفاة قلاوون أقامه السلطان لاجين نائباً على دمشق. هرب إلى المغول وانضم إلى غازان. -(ابن إياس، 1/406)
  13. المقريزي، 322 - 2/325
  14. ابن إياس، 1/405
  15. يذكر المقريزي أن القاهرة غصت بالفارين من الشام حتى ضاقت بهم المساكن، فأقاموا في القرافة وحولين جامع ابن طولون وطرف الحسينية.-(المقريزي، السلوك، 2/328)
  16. أ ب الشيال، 2/181
  17. المقريزي، السلوك، 2/328
  18. Demurger, p. 147
  19. شواني: مفردها "شانية". قطعة بحرية كبيرة وطويلة تسير بمائة وأربعين مجدافاً على أكثر تقدير وعليها من المقاتلة والجدافون حوالي مائة وخمسين رجلاً ولعظم حجمها كان يقام بها الأبراج والقلاع للهجوم والدفاع. وهى أكبر القطع البحرية حجماً وأكثرها حمولة على الإطلاق. ويشير المقريزي في "الخطط المقريزية" إلى أن عمارة الشواني كانت العمود الفقري لقطع الأسطول في مصر. (علاء طه رزق، 151)
  20. المقريزي، 2/348
  21. هيتوم الأرمنلى: راجل دولةٍ وقائدٌ من مملكة قليقية الأرمينية. ابن أخ الملك هيتوم (26-1269). ظهر كتابه "زهور تاريخ الشرق" باللغة الفرنسية 1307 وترجم في نفس السنة للغة اللاتينية. وجه هيتوم كلامه لبابا الكاتوليك "كليمينت الخامس" بيحثه على مهاجمة المسلمين ويوضح له مواطن ضعفهم.
  22. Het'um, Book Four, 75
  23. Het'um, Book Four, 78
  24. Morgan، Robert (2010). History of the Coptic Orthodox People and the Church of Egypt. ISBN:9781460280270. ...... persecution to Christians and destroying Coptic Churches were common. Christians in Egypt were forced to tinge their turbans in a blue color to distinguish them from the rest of the population
  25. أمبراطورية نيقيا البيزنطية: تسمى بلاد الأشكرى في المصادر المملوكية. كان أباطرتها اللاسكاريين علاقات طيبة بمصر خاصة في عهد السلطان ركن الدين بيبرس.
  26. المقريزى، 2/337-339
  27. Riley-Smith, p. 242
  28. ركن الدين بيبرس الدوادار: أمير ومؤرخ مملوكى عاش و مات فى مصر في الثمانين من عمره. عاش بين المماليك و شارك فى حروبهم. كان من مماليك السلطان قلاوون اللى نصبه نائبا على الكرك ثم جعله نائباً للسلطنة. شارك في فتح عكا (1291) في عهد السلطان الأشرف خليل كمان شارك فى معركة مرج الصفر(1303) ضد المغول في عهد السلطان الناصر محمد. رغم احترام الناصر له إلا أنه سجنه أثناء سلطنته التالتة. من أهم مؤلفاته " فكرة الزبدة في تاريخ الهجرة" (11 مجلد) و"التحفة المملوكية في الدولة التركية"
  29. المقريزى، 2/346-347
  30. المقريزى، السلوك 2/ 355
  31. المقريزى، السلوك 2/ 365-355
  32. جبل غباغب: قرية في أول عمل حوران من نواحى دمشق. -(المقريزى، السلوك, هامش،356)
  33. ابن إياس 1/ 413
  34. المقريزى، السلوك 2/ 375
  35. المقريزى، السلوك 2/ 358
  36. ابن إياس 1/ 414
  37. المقريزى، السلوك 2/ 359-360
  38. ابن إياس 2/ 414-415
  39. الصفدي. الوافي بالوفيات المجلد 4 ص257.
  40. المقريزى، السلوك, 2/ 369
  41. المقريزى، السلوك, 2/370 و371
  42. المقريزى، السلوك، 2/ 378-379
  43. المقريزى، السلوك, <2/ 422
  44. ابن إياس, 2/ 421-420
  45. الشيال, <2/ 183
  46. المقريزى، السلوك, 2/424-423
  47. الشيال, 2/ 183
  48. المقريزى، السلوك, <2/ 425
  49. ابن إياس, 2/ 422

المراجع

  • ابن اياس : بدائع الزهور فى وقائع الدهور (6 أجزاء), تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1982
  • ابن اياس : بدائع الزهور فى وقائع الدهور (ملخص), مدحت الجيار (دكتور), الهيئة المصرية العامة للكتاب, القاهرة 2007.
  • ابن بطوطة : رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، دار الكتب العلمية، بيروت 1992.
  • ابن تغرى: النجوم الزاهرة فى ملوك مصر و القاهرة، دار الكتب و الوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، القاهرة2005،
  • أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوادارى : كنز الدرر وجامع الغرر، ( 9 اجزاء) مصادر تأريخ مصر الاسلامية ،المعهد الألمانى للآثار الاسلامية، القاهرة 1971.
  • أبو الفداء : المختصر فى أخبار البشر ، القاهرة 1325هـ.
  • بدر الدين العينى: عقائد الجمان فى تاريخ أهل الزمان، تحقيق د. محمد محمد أمين، مركز تحقيق التراث،الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1987.
  • بيبرس الدوادار ، زبدة الفكرة فى تاريخ الهجرة، جمعية المستشرقين الألمانية، الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت 1998
  • جاستون فييت : القاهرة مدينة الفن والتجارة ، ترجمة د. مصطفى العبادي، عين للدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية، القاهرة 2008
  • جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الاسلامى) : تاريخ مصر الاسلامية, دار المعارف ، القاهرة 1966.
  • رشيد الدين فضل الله الهمذانى : جامع التواريخ، تاريخ غازان خان، الدار الثقافية للنشر، القاهرة 2000
  • رشيد الدين فضل الله الهمذانى : جامع التواريخ، الايلخانيون، تاريخ هولاكو ، دار احياء الكتب العربية
  • رشيد الدين فضل الله الهمذانى : جامع التواريخ، الايلخانيون، تاريخ ولاد هولاكو من آباقاخان الى كيخاتوخان ، دار احياء الكتب العربية
  • محيى الدين بن عبد الظاهر : تشريف الأيام والعصور فى سيرة الملك المنصور، تحقيق د. مراد كامل، الشركة العربية للطباعة والنشر، القاهرة 1961.
  • عبد الرحمن الجبرتى : تاريخ عجائب الأثار فى التراجم والأخبار، دار الجيل، بيروت.
  • حمدى السعداوى : صراع الحضارات - المماليك، المركز العربى للنشر، الأسكندرية
  • علاء طه رزق (دكتور): دراسات فى تاريخ عصر سلاطين المماليك، عين للدراسات و البحوث الانسانية و الاجتماعية، القاهرة 2008.
  • المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك ، دار الكتب, القاهرة 1996.
  • المقريزى : المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط و الأثار, مطبعة الأدب, القاهرة 1968.
  • قاسم عبده قاسم (دكتور) : عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى و الاجتماعى, عين للدراسات الانسانية و الاجتماعية, القاهرة 2007.
  • القلقشندى : صبح الأعشى فى صناعة الانشا ، دار الفكر، بيروت.
  • شفيق مهدى (دكتور) : مماليك مصر و الشام, الدار العربية للموسوعات, بيروت 2008.
  • بسام العسلى : الظاهر بيبرس و نهاية الحروب الصليبية القديمة، دار النفائس ، بيروت 1981
  • Amitai-Preiss, Reuven, Mongols and Mamluks: The Mamluk-Ilkhanid War, 1260-1281 ، Cambridge

University Press 2004 ISBN 0-521-52290-0

  • Curtin, Jeremiah,The Mongols, A History,Da Capo Press 2003 ISBN 0-306-81243-6
  • Demurger, A, The Last Templar: The Tragedy of Jacques de Molay, Profile Books Limited 2005
  • Doris Behrens, Cairo of the Mamluks, I.B. Tauris, London, New York 2007 ISBN 978-1 84511-549-4
  • Kurkjian, Vahan M ، A story of Armenia, Armenian General Benevolent Union of America 1958
  • Rieley-Smith,Jonathan, The Oxford Illustrated history of The crusades,Oxford University Press 2001 ISBN 0-19-285428-3
  • The Flower of Histories of the East : compiled by Het'um the Armenian of the Praemonstratensian Order, translated by Glenn Burger ، Toronto 1988